الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{وإنا أو إياكم} معناه إنا وأنتم لسنا على أمر واحد، فلا محالة يكون أحدنا على هدى، والآخر في ضلال، فأضلهم بأحسن تعريض، كما يقول الصادق للكاذب، إن أحدنا لكاذب.وفي معناه:
فخرج التقسيم على الإلزام لا على الشك من القائل، ومثله أو قريب منه: وذكر الفقيه نصير المرغيناني: بأن من محاسن الكلام تجاهل العارف، مثل قوله تعالى: {وإنا أو إياكم لعلى هدى} وأنشد في نظائره قول المجنون: وقول دريد بن الصمة: {إلا كافة للناس} إلا رحمة شاملة جامعة. والكافة: الجماعة التي تكف غيرها. وقال الجبائي: الكافة الجماعة التي تتكفأ يمينًا وشمالًا. فجعل المضاعف من المهموز، ونقله عن المعنى المعروف.وقال ابن بحر: معناه كافًا لهم، أي: مانعًا من الشرك. فغير المأخذ اللفظي دون المعنى، وكذلك البلخي في قوله: إنه من كف الثوب، إذا جمعه، فضم أطرافه، فقد سها في تفسير هذه اللفظة رؤساء المتكلمين. {بل مكر الليل والنهار} قيل: معصيتهما. وقيل: مرهما واختلافهما، فقالوا: إنهما لا إلى نهاية. {وما بلغوا معشار ما ءاتيناهم} أي: ما بلغ أهل مكة معشار ما أوتي الأولون من القوى والقدر. وقال ابن عباس: هم الأولون، ما بلغوا معشار ما آتيناهم، أي: هذه الأمة، فلا أمة أعلم منهم ولا كتاب أهدى من كتابهم. {أن تقوموا لله مثنى وفرادى} أي: تناظرون مثنى، وتتفكرون في أنفسكم فرادى، فهل تجدون في أحواله، وأخلاقه، ومنشئه، ومبعثه، ما يتهمه في صدقه. {يقذف بالحق} يرمي به على الباطل. {وما يبدئ الباطل} لا يثبت إذا بدأ، {وما يعيد} لا يعود إذا زال.وقيل: لا يأتي بخير في البدء والإعادة، أي: الدنيا والآخرة. {وأنى لهم التناوش} التباطؤ، وقيل: التناول. قال الراجز: والمراد بالتناوش هنا: الرجعة، عن ابن عباس. والتوبة عن سدي. والإيمان عن الزجاج. أي: كيف يكون التناول من بعيد لما كان قريبًا منهم فلم يتناولوه. {ويقذفون بالغيب} يقولون: لا بعث ولا حساب. {من مكان بعيد} أي: يقذفون من قلوبهم، وهي بعيدة عن الصدق والصواب. تمت سورة سبأ. اهـ.
وَ {قُدُورٍ راسِياتٍ} ثوابت في أماكنها تترك- لعظمها- ولا تنقل.يقال: رسا الشيء- إذا ثبت- فهو يرسو. ومنه قيل للجبال: رواس.14- المنسأة: العصا. وهي مفعلة، من نسأت الدابة: إذا سقتها قال الشاعر: وقال الآخر: {فَلَمَّا خَرَّ} سقط، {تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ} كان الناس يرون الشياطين تعلم كثيرا من الغيب والسر، فلما خر سليمان تبينت الجن، أي ظهر أمرها. ثم قال: {أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ}.وقد يجوز أن يكون {تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ} أي علمت وظهر لها العجز. وكانت تسترق السمع، وتلبس بذلك على الناس أنها تعلم الغيب، فلما خرّ سليمان زال الشك في أمرها، كأنها أقرت بالعجز.وفي مصحف عبد اللّه: {تبينت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب} .16- {الْعَرِمِ} المسناة. واحدها: عرمة قال الشاعر: الأكل: الثمر.الخمط: شجر العضاه. وهي: كل شجرة ذات شوك.وقال قتادة: الخمط: الأراك، وبريره: أكله.والأثل: شبيه بالطرفاء، إلا أنه أعظم منه.17- {وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ} قال طاوس: يجازي ولا يغفر له، والمؤمن لا يناقش الحساب.18- {وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ} أي جعلنا ما بين القرية والقرية مقدارا واحدا.19- {فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ} أي عظة ومعتبرا. {وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} أي فرقناهم في كل وجه. ولذلك قالت العرب للقوم إذا أخذوا في وجوه مختلفة: تفرقوا أيدي سبا. وأيدي بمعنى: مذاهب وطرق.20- {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ} وذلك أنه قال. لأضلنهم ولأغوينهم ولأمنينهم ولآمرنهم بكذا، فلما اتبعوه وأطاعوه. صدق ما ظنه، أي فيهم.وقد فسرت هذا في كتاب المشكل.23- {حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} خفف عنها الفزع ومن قرأ: {فزع} أراد منها الفزع.24- {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} هذا كما تقول: أحدنا على باطل، وأنت تعلم أن صاحبك على الباطل، وأنك على الحق.وقال أبو عبيدة: معناها إنك لعلى هدى، وإنكم لفي ضلال مبين.26- {ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِّ} أي يقضي. ومنه قوله تعالى: {وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ} [سورة الأعراف آية: 89] أي القضاة.26- {إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} أي عامة.33- {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ} أي مكركم في الليل والنهار. {وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ} أي أظهروها يقال: أسررت الشيء: أخفيته،وأظهرته. وهو من الأضداد.34- المترفون: المتكبرون.37- {تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى} أي قربي ومنزلة عندنا. {فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاء الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا} لم يرد فيما يرى أهل النظر- واللّه اعلم- أنهم يجازون على الواحد بواحد مثله، ولا اثنين. وكيف يكون هذا، واللّه يقول [سورة الأنعام آية: 160، وسورة النمل آية: 89، وسورة القصص آية: 84]: {مَنْ جاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وخَيْرٌ مِنْها}؟!.ولكنه أراد لهم جزاء التضعيف. وجزاء التضعيف إنما هو مثل يضم إلى مثل، إلى ما بلغ. وكأن {الضعف} الزيادة، أي لهم جزاء الزيادة.ويجوز أن يجعل {الضعف} في معنى الجمع، أي لهم جزاء الأضعاف. ونحوه: {عَذابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ} [سورة ص آية: 61] أي مضعفا.45- {وَما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ} أي عشره. {فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ} أي إنكاري. وكذلك: {فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} [سورة الملك آية: 17]، أي إنذاري وجمعه: نكر ونذر.46- {مَثْنى} أي اثنين اثنين، وَفُرادى واحدا واحدا.ويريد ب المثنى: أن يتناظروا في أمر النبي صلّى اللّه عليه وسلّم، وب {فرادي} أن يفكروا. فإن في ذلك، ما دلهم على أن النبي- صلّى اللّه عليه وعلى آله وسلّم- ليس بمجنون ولا كذاب.48- {يَقْذِفُ بِالْحَقِّ} أي يلقيه إلى أنبيائه صلوات اللّه عليهم.49- {وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ} أي الشيطان، {وَما يُعِيدُ}.51- {وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ أي عند البعث وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ} أي قريب على اللّه، يعني القبور.52- {وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ}؟ أي تناول ما أرادوا بلوغه، وإدراك ما طلبوا من التوبة. {مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ} من الموضع الذي تقبل فيه التوبة.والتناوش يهمز ولا يهمز. يقال: نشت ونأشت، كما يقال: ذمت الرجل وذأمته، أي عبته.وقال أبو عبيدة: نأشت: طلبت. واحتج بقول رؤبة:إليك نأش القدر النئوش وقال: يريد طلب القدر المطلوب- وقال الأصمعي: أراد تناول القدر لنا بالمكروه. {وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ} أي: بالظن أن التوبة تنفعهم.53- {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ} من الإيمان. وهذا مفسر في تأويل المشكل بأكثر من هذا التفسير. اهـ.
|